سيرة ونياحة البطرك السرياني بن عبدون

تابع سيرة العظيم يوحنا بن عبدون : 

1 - ووضعوه في الاعتقال أيام وأعلموا الملك بوصوله ثم أن بطرك الملكية ومعه أساقفته وأسقف ملطية الخلقدوني جلسوا علي كراسي مجمله في بيعتهم الكبرى وأحضروا القديس يوحنا أمامهم وكان بثياب زريه هو والذين معه فلم يجلسوهم ولا سلموا عليهم . فقال لهم القديس يوحنا أي قانون من قوانين البيعة أمركم أن تجلسوا على كراسيكم وتوقفونا بين أيديكم مثل الأعوان فقالوا له أنت مخالف أنت وجماعتك فقال لهم إن كنا مخالفين كما تقولوا فنجلس معكم ونتكلم عن الأمانة ويكون من يحكم بيننا بالحق لا بسلطان المملكة .

2 - كان أسقف ملطيه الخلقدوني قد أخبر بطركهم الخلقدوني ومن معه ألا يتعمقوا معهم قي مباحث المعتقد لأنهم محنكون جدا في فن الجدل.

3 - فلما دار البحث علي معتقدهم أخرج البطريرك يوحنا والأساقفة كتابين بالسريانية واليونانية يتضمنان  صورة الإيمان الأرثوذكسي . ولما شرع الروم يقرأون قال الروم للبطريرك يوحنا ومن معه لم نأت بكم لنتعلم الإيمان بل لنعلمكم إياه نحن أقروا مثلثا بطبيعتين . فأجاب البطريرك " لن نغير قطعا إقرار أبائنا فقام المطران الملطي وقال " انك بذلك تحتقر إقرار الملك " وضرب البطريرك يوحنا علي خده حسدا من سديد أجوبته فحول له الأخر عملا بقول السيد المسيح . فهاج وماج كثيرا من أعيان الروم وأخذتهم الكآبة وأدمعت عيونهم فخرجوا وهم غاضبون . ثم أخذ البطريرك يوحنا الي دير مينا ثم الي دير مار غريغوريوس . وعول الروم بعد أن يستميلوا البطريرك ورفقائه إلي مذهبهم . وعقد اجتماع أخر ودعوهم لحضوره وبذلوا كل جهدهم في إقناعهم تدريجيا وبأسلوب معين وقالوا لهم " علي الأقل لا تخلطوا زيتا في خبز التقديس زلا ترسموا علامة الصليب بإصبع واحد بل بأصبعين " فأبوا ذلك.  

      

4 - ثم أحضروهم جميعهم الي الملك وجعل ترجمانا بينه وبينهم وقال للترجمان أن يخبر القديس يوحنا أن يعترف بمجمع خلقدونية فيرفعه الملك ويعطيه السلطان علي جميع البلاد القريبة فقال له القديس يوحنا " يا سيدنا الملك الرب يحفظ مملكتك وسلطانك وهو يعلم أنني لم أترك الصلاة والدعاء لمملكتك كما أمرتنا الكتب المقدسة ولا يجوز لسطانك أن يلزم أحد بأن يترك دينه . كما أن لنا ملكين وهما ملك الحبشة وملك النوبه وما يلزموا أحد بأن من أهل ملتكم المقيمين عندهم أن ينتقلوا عن أمانتهم.

لكن الترجمان فلأن أسقف ملطيه كان  برطل له بمال قرر أن يحرف القول فزاد علي قول القديس يوحنا وقال " لنا ملكين أعظم منك هما ملك الحبشة وملك النوبه " . فلما سمع الملك هذا أشتد غيظه وحنقه ولعن مذهبه وقال حقا أنكم مخالفين وأمر أن يعاد الي الاعتقال.

وكان أحد تلاميذ القديس يوحنا يفهم اللغة فأعلم القديس بما فعلة الترجمان من تحريف.

5 - وفي الغد  أحضر الملك بطركه ومجمعه فأشاروا عليه بأن ينفيه ومن معه الي أن يعترفوا حينئذ يطلق سبيلهم.

وحبسوهم أثنين أثنين في محل منفرد يعانون عذابا شديدا . وأخذ نيقافور أسقف ملطيه الخلقدوني يتملقهم واحدا واحدا . فسقط في شبكته أغناطيوس مطران ملاطيه و موسي مطران الحصن واسحق مطران عرقا. 

وأعطوا توثيقا لعهدهم صكا مختوما بيدهم ظنا منهم أنهم يبقون في طقسهم الأول فلم يتركهم بطرك الملكيه فيه بل جعلهم ابوذياقنيين.

6 - وأشاروا الخلقدونيين الي الملك أن يتمهل قليلا توقعا منهم أن الجميع سوف يوقعون . فأرسل الملك إلي البطريرك يوحنا من يقول : إن سلمت لعقيدتنا فسوف نعطيك كرسي أنطاكيه فأجاب البطريرك لي كرسي رسولي في الأرض وفي السماء . فخاب ظنهم وأمر الملك بنفي البطريك الي دير ( غايوس ) في بلغاريا علي حدود البرجين في جزيرة قريبة من القسطنطينية ولم يدع معه إلا تلميذ واحد يخدمه وكان به وجع النقرس في رجليه.

7- وكان في تلك الجزيرة حبيس من الملكيه فأمر الرهبان اللذين معه أن يمضوا كل يوم الي البطرك يوحنا ويلعنوه ويبصقوا في وجهه وجعل عليهم حرم إن لم يفعلوا ذلك كل يوم . وكان في الدير صبي خادم وكان يزيد في شتم البطريرك . وكان تلميذ يوحنا إذا أصلح ماء حار لرجلي البطريرك كان الطبي يرمي فيه الرماد فكان التلميذ يبكي أما البطريرك يوحنا كان يعزيه ويقول له يا ولدي الله لا ينسانا . وأما الصبي هذا فوثب عليه روح شيطان فخنقه وعذبه فقدموه الي القديس يوحنا وكان يزيد ويضرب برأسه ويصر بأسنانه فأقام ثلاثة أيام والشيطان يعذبه ثم مات موتا رديء.

نياحته :

1 - وكان بالقسطنطينية إنسان يحب أنبا يوحنا فجاء إلي هناك ليفتده فلم يقدر أن يصل فكتب له رقعة ومضي إلي إنسان يعرفه وقال له أن يأخذ هذه الرقعة ويوصلها الي البطريرك سرا ودفع له دينارا والرقعة . فأخذ الرقعة ومضي بها الي المقدم . فأرسل قوما الي صاحب الرقعة فضربوه وحبسوه فسمع الأب البطريرك بكاه فأستعلم من تلميذه ما حدث فأغتم البطريرك وبعث إليه يعزيه وقال له لا تضيق صدرك بعد ثلاثة أيام يزيل الرب هذا كله . فأستقصي التلميذ عن معني هذا القول فقال له سرا بعد ثلاثة أيام يأخذني الله إليه فلا تدفني في مدافن الهراطقة لأن اليوم الذي أنام فيه يرسل الملك ليخرجني فيجدني قد خرجت من هذا الجسد فيمض بك وبالرجل الأخر( صاحب الرقعة ) إلي الملك فيفرج عنكما وأن أوصيك أن تقول للشعب لا يدع الذي يأتي بعدي يسكن في بلاد الروم بل يسكن في أمدا أو مدينة الرها.

وعلم البطرك فكر تلميذه وقال له لماذا تشك لأجل جسدي أومن أن الله قادر علي كل شيء . وبعد ثلاثة أيام تنيح كما قال فلما علم الرهبان ذلك اجتمعوا ليدفنوه.

2 - وأرسل الملك يطلب البطريرك فوجدوه ميتا فتخاصموا الرسل مع الرهبان الذين أرادوا دفنه ومنعوهم أن يدفنوه هناك وقالوا أمضوا بهذا الهرطوقي من وسط الأرثوذكسيين فأخذوه ومضوا به الي موضع صخرة فحفروا ودفنوه بعيدا عنهم.

أما رسل الملك فأخذوا التلميذ والرجل صاحب الرقعة وعادوا الي الملك فأطلقهما لأن الملك كان قد قاسا عذابا في منامه في تلك الليلة لأجل البطريرك القديس.

3 - وغادر التلميذ الي سوريه وجلب معه ما كتبه الطوباوي قبل وفاته ، ومفاده : أنه يقبل الثلاثة الذين وقعوا إن هم تابوا . لأنه بعد نفي البطريرك يوحنا أتوا بالأساقفة الذين وقعوا إلى بلاط الملك فأوعز الملك بنزع ثيابهم وتعميدهم ثانيه فصاروا هزءا للشياطين . فلما حاول أغناطيوس أسقف ملطيه أن يعبر عن توبته عطس ومات أما الاثنان الآخران فهربا ألي سوريه وانتهت حياتهما وهي في حالة توبة . أما إيليا أسقف سميندو الرجل المفوه والشيخ القديس فجادل اليونانيين وأنتصر عليهم في حومه الجدال فرجم علي باب القصر وكانت حياته في السجن . أما يوحنا أسقف الحديثه فقضي نحبه في السجن ، وأما ديونيسيوس أسقف تلفطريق ( تل بطريق أحد حصون ملطيه ) فغادر السجن بعد موت الملك وعاد إلى كرسيه وهو علي المعتقد المستقيم. 

4 - وأما البطريرك يوحنا فبعد أن بقي في المنفي أربع سنوات فاضت روحة إلى السماء عام 1033م.

- ومكث في النفي أربع سنوات وتنيح في الثاني من شباط سنه 1344. 

- واستمر أربع سنوات وانقضت أيامه في 2 شباط سنة  1030 أي سنه سبع مئة سبعة وأربعين للشهداء.

إلى هنا أعاننا الله

بركة وشفاعة القديس العظيم ماريوحنا بن عبدون 

تكون مع جميعكم أمين