ما ذكره إبن إياس عن الأقباط
في كتابة ( بدائع الزهور في وقائع الدهور )
أولا : كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور ( ج 1 : ق 1 ) : -
1 - ذكر أعمال الديار المصرية وكورها :
- وادي هبيب :
هذا الوادي بالجانب الغربي من أرض مصر فيما بين مريوط والفيوم وكان بجانب
منه الملح والأطرون وكان به مائة دير للنصاري , وقيل لما فتح عمرو بن العاص مصر
وخرج إليه من وادي هبيب سبعمائة راهب يطلبون منه الأمان فكتب لهم أمانا وبقي عندهم
يتوارثونه إلي الأن , وكان يجلب منه الملح الأندراتي وهو علي هيئه ألواح الرخام
ويجلب منه حجر الكحل الأسود وحجر الزجاج ثم بطل ذلك .
- مدينة أرجنوس :
هذه المدينة من جملة أعمال البهنسا وبها كنيسة فيها بئر يقال لها بئر شوش
لها عيد يعمل في الخامس والعشرين من بشنس ( أحد الشهور القبطية ) فيفور منها الماء
عند مضي ست ساعات من النهار حتى يطفوا إلى فمها ثم يعود إلى ما كان عليه ويستدلون
النصارى بذلك على زيادة النيل في كل سنة بقدر ما بعلو من الماء في البئر .
ومن عجائب مصر ما ذكره ابن عبد الحكم , قال : إن في بعض نواحي البهنسا من
أعمال الصعيد ضيعة تسمي منيل أبو شعرة وبها بئر تسمي بئر عيسي ولتلك البئر سلالم
بدرج فإذا كان ليلة الخامس والعشرين من بشنس فيها يطف ماء تلك البئر في الليل
فمهما غطى من الدرج فيكون ( حال زيادة ) النيل في تلك السنة , ويعلم منه مقدار
الزيادة , وهذا السر باق في هذه البئر إلي يومنا هذا , لم يخرم قط , ولم يخل .
وقيل أن عيسى عليه السلام اغتسل من هذه البئر في مثل تلك الليلة , فصار هذا السر
باق فيها إلى الآن .
- أهناس :
هذه المدينه دخلت إليها مريم أم
عيسى عليه السلام وبها النخلة التي كانت تنضح لهما الزيت حتي يتقوتون به .
- مدينة البهنسا :
هذه المدينة من أجل مدائن القبط . قيل إن مريم وأبنها عيسى عليهما السلام
أقاما بها سبع سنين وقيل هي التي أوى إليها المسيح . ودعوته لأهل البهنسا مشهورة
وكان بها العجائب من الطلمسات والصور وأشياء غريبة .
- مدينة تنيس :
قال محمد بن احمد بن بسام : كانت مدينة تنيس من الأقليم الرابع بنتها إمرأه
تسمي تنيس بنت صا بن تدارس أحد ملوك القبط بمصر . وكان بها سبعة وستون مسجدا وسبعون
كنيسة .
2 - ابتداء دولة الأقباط :
1 - قال المسعودي : لما هلكت دلوعة بنت ريا , ملكوا القبط بعدها مصر ستمائة وست
وعشرين سنة وكان عدد من ملك مصر من الأقباط سبعه وعشرين ملكا أولهم دركون وأخرهم
المقوقس.
2 - قيل كان دركون هذا في يوم النيروز وهو أول السنة القبطية فإذا أصبح
الصباح يدخل عليه شخص من غير إذن ويكون ذلك الشخص حسن الوجه طيب الرائحة عليه
أثواب فاخره ويكون فصيح اللسان فيقف بين يديه فيقول له : " من أنت , ومن أين
أقبلت , وما أسمك , وما معك , والي أين تريد , ولأي شيئ وردت " ؟ فيقول الرجل
: " أنا المنصور واسمي المبارك وإلي الملك السعيد أردت وبالهنا والسلامة وردت
وبالعام الجديد أقبلت " , ثم يجلس بين يديه , وكان يصنع ذلك من نوع التفاؤل
في ذلك اليوم . ثم يأتي بعده شخص أخر ومعه طبق من الفضة وفيه شيئ من القمح والشعير
والفول والحمص والعدس والبسلة والجلبان وفيه قطعة سكر ودينار ذهب ودراهم فضة , ضرب
ذلك العام الجديد وفوق الطبق باقات الأس فيضع الطبق بين يديه ثم يقدم إليه رغيفا
قد صنع من هذه الحبوب السبعة , فيأكل الملك من ذلك الرغيف ويطعم من حوله من
الوزراء وأرباب الدولة ثم يفرق الملك ما في حواصله من الثياب والفرش ويجدد غيرها
في ذلك العام وكانت هذه عادة القبط في يوم النيروز .
3 - ثم ملك بعد دركون أبنه توتوس وأستخلفه بعده لقاس ولم يمكث غير ثلاث سنين ولم يترك ولد فتولي بعده أخوه مرينا وتولي بعده أبنه استمارس وكان جبارا عنيدا سفاكا للدماء عسوفا في حق الرعية فم تطقه القبط فقتلوه وولوا عليهم بلوطس وأستمر عليهم أربعين سنة ثم تولي بعده أبنه مالوس وتولي بعده أخوه مناكيل واستمر هذا أربعين سنة في ملك مصر ثم تولي بعده أبنه يوله وهو المعروف عند القبط بالأعرج وكان جبارا عنيدا وهو الذي سبى أهل بيت المقدس وأتى بهم إلى مصر واستمر علي ملك مصر نحو مائة وعشرون سنة ثم تولي بعده أخوه مرينوس وأستمر في ملك مصر دهرا طويلا ثم تولي بعده أبنه قرقوره وملك سنتين وتولي بعده أخوه قومس وفي أيامه خربت تلك البريا التي صنعتها تدورة الساحرة وزال ما كانوا القبط يقهرون به الملوك ثم تولي بعد قومس أخوه مريتوس وفي أيامه زحف بخت نصر البابلي علي البلاد وأخرب بيت المقدس وسبى بني إسرائيل ثم دخل مصر وقتل مرينوس صاحب مصر وسبى أهل مصر وأسر دانيال وأرميا عليهما السلام وتوجه بهم إلى أرض بابل وقتل من أهل مصر نحو سبعين ألفا من بني إسرائيل وغيرها وأخرب ما كان بمصر من البراري والحكم التي كانت بها والطلمسات ونهب الاموال التي كانت بمصر وحمل ذلك جميعا إلى أرض بابل ثم رحل عن مصر بعدما أخربها وقتل أهلها . فأقامت مصر بعد ذلك أربعين سنة خرابا .
4 - ثم بعد ذلك تراجع إلى مصر جماعة من القبط وعمروا ما أخربه بخت نصر منها
وتراجعت أحوالها قليلا قليلا وأخر من حكم بها من القبط : المقوقس وكان أسمه جريح
بن منباهي وقد أقام في ملكه بمصر إحدي وثلاثين سنة. وفي أيامه جاءت الروم وفارس
إلى مصر وحاربوا أهلها نحو ثلاث سنين من البر والبحر فلما رأى المقوقس ذلك صالح
الروم على ان يدفع إليهم قدرا معلوما في كل سنة ويقروهم بمصر على عادتهم ويكونوا
القبط في ذمة الروم .
5 - ثم أن الفرس ظهرت على الروم فغلبوهم فصالحوا القبط الفرس كما صالحوا
الروم وأقامت مصر بين الروم والفرس نصفين نحو سبع سنين . ثم تحاربت الروم مع الفرس
فتظاهرت عليهم الروم وكسروا الفرس أشد كسرة.
لأنه لما ملكت الفرس مصر أسست بناء الحصن وهو المسمى الأن قصر الشمع فلما
بلغ هرقل ذلك أمد المقوقس بعساكر عظيمة وحارب الفرس فطردهم من مصر وأستمر المقوقس
على مصر إحدى وثلاثين سنة حتى فتحت على يد عمرو بن العاص .
6 - قال عبد الله بن عبد الحكم : أن محمد رسول الإسلام بعث حاطب بن أبي بلتعه
إلى المقوقس عظيم القبط في مصر وكان معه رسالة من محمد يدعوه للإسلام .
وقال إبان بن صالح : أن المقوقس أرسل إلى حاطب ذات ليلة وخلا به وتحادثوا
معا وفى أخر حديثه قال المقوقس " قد كنت أعلم أن نبيا قد بقى وكنت أظن أن
مخرجه من الشام ومن هناك كانت تخرج الأنبياء من قبله فأراه قد خرج من العرب في أرض
جهد وبؤس وإن القبط لا تطاوعني في إتباعه وأنا أعلم أن صاحبك سيظهر على البلاد
وتنزل أصحابه بساحتنا هذه حتى يظهروا على البلاد وأنا لا أذكر للقبط شيئا من ذلك
".
تعليقات
إرسال تعليق