" مالي ولكي يا إمراة لم تأتي ساعتي بعد "
- ( مالي ولكي ) :
هذه الجملة قد تنطوي علي نوع من القسوة وكأن يسوع يقول لأمه ليس لك
ان تشيري عليا ما يجب عمله أو كأنه يقول لها ( انك تتدخلين فيما لا يعنيكي ) فيسوع
لا ينظر إلي حاجة بسيطة في عرس بل إلي ساعة إعلان مجده كمسيح والتي لم تحن بعد.
- ( يا إمرأة ) :
في الأصل اليوناني لا تشير إلي قلة إحترام وقد كررها يسوع لها عند
الصليب " فرأي يسوع أمه وإلى جانبها التلميذ الذي كان يسوع يحبه فقال لأمه : يا
إمرأة هوذا إبنك " ( يوحنا 19 – 26 ).
وأبضا
أطلق يسوع عليها لقب ( إمرأة ) حينما قال ان " نسل المرأة يسحق رأس الحية ...
وأجعل عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها فهو يسحق رأسك وانت تسحقين عقبه
" ( تك 3 : 16 ).
ولفظة
( المرأة ) تعني " السيدة " كما نقول في العربية العامية عن الزوجة ( مرتي
).
لذلك فهي كلمة سريانية تعني ( سيدتي )
وللذكر ( مار ) مثل مار جرجس أو في المؤنث ( مارت ) تعني السيدة القديسة مثل ( مارت مريم ).
وفي
إنجيل يوحنا توحي لفظة ( المرأة ) إلي المرأة الثانية مقابل ( حواء ) المرأة
الأولي – فلقد صارت العذراء مريم هي حواء الجديدة.
لذلك
يقول القديس يوحنا ذهبي الفم " لا يتحدث يسوع هنا مع مريم بكونها أما بل بكونها
حواء الجديدة ".
- ( لم تأتي ساعتي بعد ) :
تشيرعلي عدم حضور الساعة التي يظهر يسوع مجده علانية بفعل المعجزة.
وكلمة ( ساعتي ) تشير إلي الوقت الذي حدده الأب بظهور مجد الإبن الإلهي من خلال الأيات والمعجزات.
وتدل في أغلب الاحيان علي ( ساعة الصلب )
كما ذكر يوحنا ( 12 : 23 ) " قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان وإن لم تقع
حبه الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقي وحدها ولكن إن ماتت تأتي بثمر أكثر ".
- لذلك : لم تكن معجزة قانا الجليل لإعلان يسوع للأمة اليهودية إنما لإظهار مجده لتوطيد إيمان تلاميذه.
( فقالت للخدم مهما قال لكم فأفعلوه ) :
( الخدم ) :
1 - في الأصل اليوناني ( دياكوني )
معناها الشمامسة وليس العبيد ... والشمامسة في العهد الجديد هم يقومون بخدمة
المذبح مع خدمة الموائد والإهتمام بإحتياجات الفقراء والمرضي كما ورد في ( أعمال
الرسل 6 : 3 – 4 ).
2 - وأمر القديسة مريم للخدم يؤكد انها من
أقرباء أهل العريس.
( مهما قال لكم فإفعلوه ) :
تشير إلي ثقة مريم بيسوع وأنها لم تتراجع امام ما قد
يكون ظاهر من موقف رفض أبنها بل عرفت ان وراء تلك الكلمات قلب رحوم وعطوف . فلقد
أدركت ان يسوع لابد أن يتدخل عند الضرورة وأنه سوف يعالج المشكلة ويعمل الأفضل.
(
ستة أجران ) لماذا :
1 - سته
أجران حسب ايام الإسبوع من الأحد للجمعة كل جرن يخصص ليوم معين للتطهير ويوم السبت
للعبادة والراحة.
2 - وأيضا
: عدد 6 يدل علي عدد أيام الخلق لأن الرب
خلق كل شيئ في سته أيام.
3 - القديس أوغسطينوس يقول : الأجران السته هي
العصور الستة ( من أدم لنوح , من نوح إلى
إبراهيم , من إبراهيم لداود , من داود للسبي البابلي , من السبي البابلي ليوحنا
المعمدان , من يوحنا المعمدان إلي نهاية العالم).
4 -
وهي عبارة عن : أجران من الحجارة للإستعمال الطقسي في الديانة اليهودية من أجل
التطهير والإغتسال حيث لم يكن جائز لليهودي ان ياكل ما لم يغتسل أولا.
5 - بالإضافة على أن فلسطين بلد تعرف بقلة المياة فلا توجد القنوات والينابيع في كل موضع لهذا كانوا يملئون الأجران بالماء حتي لا يسرعوا إلي الأنهار متي تدنسوا بل يجدون وسائل التطهير بين أيديهم.
( مطرين أو ثلاثة ) : أو ( مكيالين أو ثلاثة ) :
1 - معناها ( بث ) وهي مكيال للسوائل.
2 - وسعة المكيال الواحد = 45 لتر تقريبا وبالتالي الستة أجران = 540 أو 810 لأن كل جرن يسع حوالي مكيالين أو ثلاثة.
فقال يسوع ( إملأوا الأجران ماء ) :
1 - هذا يدل علي مشاركة الخدم في المعجزة حيث أنها
لا تحصل بدون سعي البشر وجهودهم ... أي أن الإنسان يعمل ما بوسعه ( الدور البشري )
ويعمل الله ما يستحيل علينا عملة.
2 - لاحظ : السيد المسيح لم يأمر تلاميذه الستة
المصاحبين له بملء الاجران لكنه طلب من الخدم لكي يكونوا شهودا على المعجزة
ويشهدون ان المعجزة لم تكن خيالية.
من يستطيع ان يحول الماء إلي خمر قادر ان يحول الخمر إلي دم في العشاء الأخير مع تلاميذه
فقد كانت أول معجزة صنعها هي تحويل الماء إلى خمر واخر معجزة صنعها هي تحويل الخمر إلى إلى دمه في العشاء الأخير.
" أخذ كأسا وشكر وناولهم قائلا أشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد " ( مت 26 : 27 ).
والعريس الحقيقي هو يسوع المسيح وقد أطلق يسوع علي نفسه هذا اللقب " ستأتي ساعة حينما يرفع العريس عنهم فحينئذ يصومون " (مت 9 : 15).
يقول القديس أغسطينوس :
" العريس الذي قيل له .. أبقيت الخمر الجيدة إلي الأن .. يمثل شخص الرب لأن الخمر الجيدة – أعني الإنجيل – حفظة المسيح حتى الأن "
لاهوت السيد المسيح في المعجزة :
نري في قصة قانا الجليل ناسوت المسيح ولاهوته.
ناسوته :
نراه في حضورة للعرس وإشتراكه مع الناس في أفراحهم وحياتهم.
لاهوته :
نراه في معجزة خلق .. فتحول الماء ( H2O ) إلي خمر هو عملية خلق مادة جديدة غير موجودة في - عناصر الماء وهي الكربون الموجود في الخمر.
لأن الخمر يتركب بشكل عام من :
( ماء + أحماض + كحول + فينول + مركبات نيتروجينية + مواد غير عضوية ....... ) لذا فقد خلق الرب يسوع ماده جديدة من الماء وأظهر سلطان لاهوته علي المادة فهو قادر علي تغيير تركيب المادة إلي مادة أخري وتركيب كيميائي أخر . وهذا من عمل الله وحده.
- وفي العهد القديم :
نقرأ عن الضربات العشر التي عملها موسي في أرص المصريين . وأول ضربه كانت تحويل مياه نهر النيل إلي دم أحمر (خر 7 : 20).
فالله قادر علي تغيير تركيب الماء إلي تركيب كيميائي جديد وهو الخمر.
ونحن المسيحيين نؤمن بأن المسيح قادر علي تحويل هذا الخمر الذي علي المذبح إلى دمه المقدس
وأيضا الخبز إلى جسده المقدس.
تعليقات
إرسال تعليق